حُشاشَةُ نَفسٍ وَدَّعَـت يَـومَ وَدَّعـوا = فَلَـم أَدرِ أَيَّ الظاعِنَـيـنِ أُشَـيِّـعُ
أَشـاروا بِتَسليـمٍ فَجُدنـا بِأَنـفُـسٍ = تَسيلُ مِـنَ الآمـاقِ وَالسِـمِ أَدمُـعُ
حَشايَ عَلى جَمرٍ ذَكِيٍّ مِـنَ الهَـوى = وَعَينايَ في رَوضٍ مِنَ الحُسنِ تَرتَعُ
وَلَو حُمِّلَتْ صُمُّ الجِبـالِ الَّـذي = غَـداةَ افتَرَقنـا أَو شَكَـت تَتَصَـدَّعُ
بِما بَينَ جَنبَيَّ الَّتـي خـاضَ طَيفُهـا = إِلَـيَّ الدَياجـي وَالخَلِيّـونَ هُجَّـعُ
أَتَت زائِرًا ما خامَرَ الطيـبُ ثَوبَهـا = وَكَالمُسـكِ مِـن أَردانِهـا يَتَضَـوَّعُ
وما جَلَسَت حَتّى انثَنَت توسِعُ الخُطا = كَفاطِمَةٍ عَـن دَرِّهـا قَبـلَ تُرضِـعُ
فَشَرَّدَ إِعظامي لَهـا مـا أَتـى بِهـا = مِنَ النَومِ وَالتـاعَ الفُـؤادُ المُفَجَّـعُ
فَيـا لَيلَـةً مـا كـانَ أَطـوَلَ بِتُّهـا = وَسُمُّ الأَفاعـي عَـذبُ مـا أَتَجَـرَّعُ
تَذَلَّلْ لَها وَاخضَع عَلى القُربِ وَالنَوى = فَما عاشِقٌ مَـن لا يَـذِلُّ وَيَخضَـعُ
وَلا ثَوبُ مَجدٍ غَيرَ ثَوبِ ابنِ أَحمَـدٍ = عَلـى أَحَــدٍ إِلّا بِـلُـؤمٍ مُـرَقَّـعُ
وَإِنَّ الَّـذي حابـى جَديلَـةَ طَـيِّـئٍ = بِهِ اللهُ يُعطـي مَـن يَشـاءُ وَيَمنَـعُ
بِذي كَرَمٍ مـا مَـرَّ يَـومٌ وَشَمسُـهُ = عَلى رَأسِ أَوفى ذِمَّـةً مِنـهُ تَطلُـعُ
فَأَرحـامُ شِعـرٍ يَتَّصِـلـنَ لَـدُنَّـهُ = وَأَرحـامُ مـالٍ لا تَـنـي تَتَقَـطَّـعُ
فَتىً أَلفُ جُزءٍ رَأيُـهُ فـي زَمانِـهِ = أَقَلُّ جُزَيءٍ بَعضُـهُ الـرَأيُ أَجمَـعُ
غَمامٌ عَلَينـا مُمطِـرٌ لَيـسَ يُقشِـعُ = وَلا البَرقُ فيـهِ خُلَّبًـا حيـنَ يَلمَـعُ
إِذا عَرَضَـت حـاجٌ إِلَيـهِ فَنَفسُـهُ = إِلـى نَفسِـهِ فيهـا شَفيـعٌ مُشَفَّـعٌ
خَبَت نارُ حَربٍ لَـم تَهِجهـا بَنانُـهُ = وَأَسمَرُ عُريانٌ مِـنَ القِشـرِ أَصلَـعُ
نَحيفُ الشَوى يَعدو عَلـى أُمِّ رَأسِـهِ = وَيَحفى فَيَقوى عَـدوُهُ حيـنَ يُقطَـعُ
يَمُـجُّ ظَلامًـا فـي نَهـارٍ لِسـانُـهُ = وَيُفهِمُ عَمَّن قـالَ مـا لَيـسَ يَسمَـعُ
ذُبابُ حُسـامٍ مِنـهُ أَنجـى ضَريبَـةً = وَأَعصى لِمَـولاهُ وَذا مِنـهُ أَطـوَعُ
فَصيحٌ مَتى يَنطِق تَجِـد كُـلَّ لَفظَـةٍ = أُصـولَ البَراعـاتِ الَّتـي تَتَفَـرَّعُ
بِكَـفِّ جَـوادٍ لَـو حَكَتهـا سَحابَـةٌ = لَما فاتَها في الشَرقِ وَالغَربِ مَوضِعُ
وَلَيسَ كَبَحـرِ المـاءِ يَشتَـقُّ قَعـرَهُ = إِلى حَيثُ يَفنى الماءُ حوتٌ وَضِفدَعُ
أَبَحـرٌ يَضُـرُّ المُعتَفيـنَ وَطَعـمُـهُ = زُعـاقٌ كَبَحـرٍ لا يَضُـرُّ وَيَنـفَـعُ
يَتيهُ الدَقيقُ الفِكرِ فـي بُعـدِ غَـورِهِ = وَيَغرَقُ فـي تَيّـارِهِ وَهـوَ مِصقَـعُ
أَلا أَيُّهـا القَيـلُ المُقـيـمُ بِمَنـبِـجٍ = وَهِمَّتُـهُ فَـوقَ السِماكَيـنِ توضِـعُ
أَلَيـسَ عَجيبًـا أَنَّ وَصفَـكَ مُعجِـزٌ = وَأَنَّ ظُنونـي فـي مَعاليـكَ تَظلَـعُ
وَأَنَّكَ في ثَـوبٍ وَصَـدرُكَ فيكُمـا = عَلى أَنَّهُ مِن ساحَـةِ الأَرضِ أَوسَـعُ
وَقَلبُكَ في الدُنيا وَلَـو دَخَلَـت بِنـا = وَبِالجِنِّ فيهِ ما دَرَت كَيـفَ تَرجِـعُ
أَلا كُلُّ سَمحٍ غَيـرَكَ اليَـومَ باطِـلٌ = وَكُلُّ مَديـحٍ فـي سِـواكَ مُضَيَّـعٌ