برقة اسم يطلق , منذ القدم , على شرق ليبيا الذي كانت تسكنه - عند قدوم الفتح العربي الإسلامي - قبيلة ( لواته ) وبعض السكان الآخرين المنحدرين من الأقوام والشعوب والجيوش التي جاءت عبر القرون الى برقة بدافع الهجرة او الغزو كالرومان واليونان والفنيقيين واليهود وغيرهم من بقايا المستعمرين القدماء للمنطقة .... إلا أن السيطرة في " برقة " عند قدوم العرب المسلمين كانت لقبيلة لواته ... ولواتة أو " بني لو " يرجعهم بعض الباحثين إلى أصول بربرية ( أمازيغية ) بينما يرجعهم باحثين آخرين من أصحاب نظرية الأصل السامي العربي للبربر الى العرب البائدة او قدماء العرب وتحديدا ُ إلى قبيلة حمير من اليمن التي يقال أن بعض بطونها هاجرت عقب كارثة سقوط سد مأرب الشهيرة والمذكورة في القرآن الكريم الى شمال إفريقيا ! . وبغض النظر عن صحة هذه النظرية أو تلك فإن أكثر البحوث تؤكد على أن قبيلة " لواتة " البربرية – سواء أصحت نسبتها للعرب أم لا - كانت تسيطر على إقليم " برقة " يوم جاء الفاتحين العرب براية الإسلام الى برقة ! .
هذا وقد شكلت " برقة " بعدالفتح الإسلامي محطة للجيوش الإسلامية وللمسافرين في الطريق إلى مغرب الشمال الإفريقي والأندلس ، وقد ذكر اليعقوبي في القرن العاشر استقرار بعض أبناء القبائل العربية حول مدينة برقة ( المرج حاليا ً) في الجبلين المطلين عليها من الشرق والغرب ، ولكن هذا التواجد لم يكن ذا أهمية على الصعيد الإجتماعي والسياسي ، وقد بقي النفوذ في برقة لقبيلة " لواتة" حتى دخول قبائل بني سليم وبني هلال (*) بداية ً من عام 443 هـ (1051 م) وقد استقر منهم ببرقة بنو هيب وأحلافهم ناصرة وعميره ورواحة وفزارة، بينما واصلت بقية بطون بني سليم وبني هلال وأحلافهم تقدمهم نحو الغرب .
وقد ذكر الإدريسي في سنة 1154 مواطن القبائل المستقرة ببرقة بعد مائة سنة من بداية هجرتها إلى برقة ، وقال أن موطن ناصرة وعميرة هو من قصر العطش ( غرب العقيلة حوالي 27 كم ) إلى " قافز " – وهي منطقة بين بنغازي وقمينس - أما رواحة فموطنهم من طلميثة إلى أرض " برنيق " - وهي بنغازي اليوم - وموطن قبائل هيب من طلميثة إلى لك ( شرق طبرق حوالي 100 كم ) ومن العقبة الصغرى إلى سرت مجالات رواحة وهيب .
أما ابن خلدون فذكر هيب وناصرة ومحارب وبنو شمال ورواحة وفزارة ، وقال نقلا عن ابن سعيد أن رواحة وفزارة من غطفان ، وذكر القلقشندي بني صبيح قال أنهم من بطون بني فزارة .
القبائل العربية ببرقة
القبائل العربية التي ذكر المؤرخون العرب تواجدها ببرقة خلال الفترة بين منتصف القرن الثاني عشر وأوائل القرن الرابع عشر هي:
1 - بنو هيب : هم بنو هيب بن بهثة بن سُليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ويتكونون من القبائل التالية:
أ. بنو أحمد.
ب. بنو شماخ : ذكر ابن خلدون أن منهم بني حميد بإجدابيا وجهاتها ، ويبدو اليوم أن بني شماخ هم أسلاف قبيلة المغاربة الحالية التي تتكون من فرعين هما : الرعيضات والشماخ .
وهم عدة قبائل هم : أولاد سلام، وأولاد حرام، والبركات، والبشرة، والرواشد، والبلابيس، والجواشنة، والحداددة، والحوتة، والموالك، والعلاونة، والدروع، والرفيعات، والزرازير، والسوالم، والسبوت، والشراعبة، والصريرات، العواكلة، والنبلة، والندوة، والنوافلة، والرعاقبة، والبواجنة، والقنائص، وبنو قطاب وقد هاجر أغلب بني لبيد إلى البحيرة في القرن الرابع عشر واستقروا بها ، بينما أقام آخرون ببرقة لفترة ثم رحلوا بدورهم لمصر مثل أولاد سلام الذين سيأتي الحديث عنهم، ومن قبائل لبيد من بقي ببرقة حتى الآن مثل الحوتة والموالك والعلاونة، ويمكن القول أن العواكلة في قبيلة العبيدات هم من قبيلة العواكلة في بني لبيد، كما يمكن القول أن بعض قبائل بني لبيد هاجروا غربا إلى إقليم طرابلس حيث نجد اليوم قبائل تحمل نفس أسماء قبائل بني لبيد وهي قبيلتي الصريرات والدروع في ورفلة وقبيلة الندوة في تاورغاء.
2 - بنو عميرة : هم بنو عميرة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم .
3 - بنو ناصرة: هم بنو ناصرة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم، ذكر ابن خلدون أن مواطنهم وفزان وودان.
4 - بنو شمال : ذكر ابن خلدون أن رئاستهم في العزة ولم يذكر لأي القبائل ينتسبون، ويمكن أن يكونوا اليوم هم الشمول في قبيلة سعيط من المرابطين.
5 - بنو محارب : قال القلقشندي أنهم من سليم أما ابن خلدون فقال أنه يقال أنهم من بني جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن هوزان ، لكن المعروف لدى النسابين العرب أن بني محارب من محارب بن زياد بن خصفة بن قيس حيث يجتمعون في النسب مع بني سليم وبني هلال في خصفة بن قيس، ويجتمعون في النسب مع بني هلال في عامر بن صعصعة بن معاوية بن هوازن، وذكر القلقشندي أن محارب تتردد على بلاد الجيزية (محافظة الجيزة) وأطراف البهنساوية (محافظة المنيا ) وفي بداية القرن الثامن عشر هاجر بنو محارب إلى مصر واستقروا بها
6 - بنو رواحة : قال ابن خلدون نقلا ابن سعيد أنهم من بني غطفان بن قيس بن عيلان بن مضر ولم يذكر لأي بطون غظفان ينتسبون.
7 - بنو صبيح : من بطون بني فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، وهم عدة قبائل ذكرها القلقشندي وهي : أولاد محمد والجماعات والشنفة والشعوب والعقيبات والعلاوي والعواسي والغشاشمة والقيوس واللواحق والمساورة والمطارنة والمواجد والمواسي والنحاحسة .
وقد ذكر القلقشندي أن جماعة من فزارة ممن يقيمون ببرقة نزلوا بأطراف البهنسا مما يلي الجيزية (محافظة المنيا )، كما هاجرت قبائل أخرى من فزارة غربا وهم الجماعات والعواسى والمساورة، حيث استقرالجماعات بودان، بينما استقر المساورة بمسراتة، واستقر العواسى بترهونة.
وفي فلسطين جماعة من المواسي ينتسبون إلى مواسي برقة نزلوا بشمال فلسطين في نحو سنة 1814 واشتهر من بينهم عقيلة بن موسى الحاسي الذي كانت له سطوة في مرج بن عامر وتوفي في سنة 1870 والمعروف اليوم أن المواسي يشكلون فرعا من فروع قبيلة الحاسة المتواجدة ببرقة.
وكانت لبني فزارة أوصاف يعرفهم بها العرب وهي أنهم كانوا بيض ووجوه رجالهم كأنها وجوه صبيان (أي لا تظهر عليها ملامح الكبر والتقدم في السن )
8 - بني جعفر : ذكرهم ابن خلدون وقال أن منهم أبي ذئب شيخ العرب ببرقة وقال أنه اختلف في نسبهم وأنهم يقولون أنهم من الكعوب، ونقل عن سلام بن التركية شيخ أولاد مقدم جيرتهم بالعقبة أنهم من بطون مسراتة من هوارة .
وقد ذكر المقريزي عدد من قبائلهم وهم : المثانية والياسة وعرعرة والعظمة والمزايل والمعزة والبداري والسهاونة والجلدة وأولاد أحمد وقال أن منازلهم من سوسة إلى بئر السدرة .............................