نسائم درناوية
محمد الأصفر
دارنس .. إيراسا.. درنة .. مرفأ صغير يقع شرقي يوسبيريدس ( بنغازي ) بمسافة 300 كيلومتر .. وأول من ذكرها المؤرخ الإغريقي هيرودوتس في الكتاب الرابع من مؤلفه التواريخ باسم إيراسا التي وصفها بأنها أجمل بقعة في بلاد قبيلة الجيلجاماي الليبية القديمة . ثم عُرفت باسم دارنس الذي خُفف وحُرّف فيما بعد إلى درنة.
درنة مدينة ساحلية تبدأ من البحر وتصعد خجولة صوب سلسلة جبال تحيطها بنصف قوس وكأنه ظهر يسندها ويحميها .. يقسمها وادٍ عريض إلى نصفين .. تربطهما عدة قناطر وجسور قديمة وحديثة .. تحفهما أشجار النخيل والخروب والصنوبر والبطوم والعرعر والدفلى .
. من وسط جبالها يهدر شلال عذب يمدها بالماء عبر سواق شيدها الأجداد وجدد حنينها الأحفاد. بيوتها واطئة .. من واجهاتها تتدلى عرائش العنب واللبلاب ومن خلف أسوارها تطل شجيرات ليمون وموز ورمان وكرم وخوخ وخروع وياسمين وفل .. بعض البساتين القديمة نراها صامدة وسط العمران .. حقل برسيم صغير تهدهد وريقاته الريح .. جداول طماطم وفلفل وخس وقرنبيط .. شجيرات لوز قصيرة .. حشائش الخبيز والنجيل كثيفة .. تغطي طينها المبلل بالحياة. درنة مدينة الزهور واللوز والليمون والموز والرمان .. مدينة المسرح ، الشعر الموسيقى ، التشكيل ، الرياضة ، المغامرة .. قاهرة الأساطيل.. صانعة الابتهاجات .. مناخها معتدل طول العام .. الجبال تحيطها .. تحميها من العواصف والغبار .. البحر أسفلها يحميها من القيظ ويغسلها بموجه المرذذ الأخاذ.