توفي في منزله بهايتستاون بولاية نيوجيرسي الأمريكية يوم الأحد الماضي عالم الفيزياء الأمريكي الشهير ومبتكر مصطلح "الثقب الأسود"، جون ويلر، عن عمر ناهز 96 عاما.
وقالت ابنة ويلر، أليسون ويلر لاهنستون، إن والدها، الذي عمل في السابق أستاذا في جامعة برينستون، توفي من جراء إصابته بداء الرئة بعد أن نجم عنه وهن عام بصحته استمر طيلة الأسبوع الماضي.
وكان ويلر أحد المشاركين في "مشروع مانهاتن" الذي أنتج أول قنبلة ذرية في العالم، كما كان من أواخر الذين تعاونوا مع عالم الفيزياء الأشهر وصاحب "النظرية النسبية"، ألبرت أنشتاين.
وتعليقا على نبأ رحيل ويلر، قال الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش: "إني أشعر بالحزن لوفاة واحد من أعظم علماء الفيزياء في أمريكا، وقد عمل على مشاريع غيرت مسار التاريخ."
تهاوي النجوم
وغدا مصطلح "الثقب الأسود" تعبيرا مألوفا بعد أن كان ويلر قد استعمله لوصف ظاهرة انهيار وتهاوي النجوم وتكورها لتصبح كتلة كثيفة لا يستطيع الضوء النفاد من خلالها.
لقد قام جوني (جون) ويلر بسبر أغوار المسافات التي تصل إلى ما بعد حدود المعرفة البشرية، وذلك من خلال طرحه أسئلة تبنتها الأجيال اللاحقة من علماء الفيزياء ووجدت لها الحلول
كيب ثورن، أستاذ الفيزياء النظرية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا
وقد جعل ويلر المصطلح يعلق في أذهان البشر بعد أن استخدمه بناء على نصيحة شخص أحد الأشخاص، وذلك كبديل لمصطلح آخر كان قد أطلق عليه اسم "النجم المتهالك تماما بفعل الجاذبية".
وساعد ويلر أيضا على تنشئة ورعاية جيل من علماء الفيزياء الآخرين، بمن فيهم ريتشارد فينمان الحائز على جائزة نوبل للفيزياء، والمعروف بلقب "المفسر الأعظم" نظرا لمهاراته في جعل المواضيع المعقدة العصية على الفهم بسيطة وسهلة الاستيعاب.
سبر الأغوار
من جانبه قال كيب ثورن، أستاذ الفيزياء النظرية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا "كالتيك" وأحد تلامذة ويلر: "لقد قام جوني (جون) ويلر بسبر أغوار المسافات التي تصل إلى ما بعد حدود المعرفة البشرية، وذلك من خلال طرحه أسئلة تبنتها الأجيال اللاحقة من علماء الفيزياء ووجدت لها الحلول الناجعة."
رسم فني لمسبار الجاذبية بي
غدا مصطلح "الثقب الأسود" تعبيرا مألوفا بعد استعمال ويلر له لوصف ظاهرة انهيار النجم وتحوله كتلة لا ينفد منها الضوء
وُلد ويلر في جاكسونفيل بولاية فلوريدا عام 1911 وكان عمره 21 عاما فقط عندما نال شهادة الدكتوراه في علوم الفيزياء من جامعة جون هوبكنز.
وفي أواسط عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، سافر ويلر إلى الدنمارك للدراسة لمدة عام واحد مع العالم بوهر الذي فاز بجائزة نوبل للفيزياء لدوره في وصف طبيعة الذرة.
"مشروع منهاتن"
وانضم ويلر خلال الحرب العالمية الثانية إلى "مشروع منهاتن" الذي أفرز قنبلة ذرية أمريكية من خلال الاعتماد على خاصية الانشطار النووي.
وعلى العكس من بعض زملائه الآخرين الذين شعروا بالندم في أعقاب إلقاء قنبلتين ذريتين على مدينتي هوريشيما وناغازاكي اليابانيتين، وذلك بسبب الأدوار التي لعبوها في صنع القنبلة الذرية، فقد عبر ويلر عن شعوره بالحسرة لأن العمل على القنبلة لم يبدأ في وقت أبكر.
إني أشعر بالحزن لوفاة واحد من أعظم علماء الفيزياء في أمريكا عمل على مشاريع غيرت مسرى التاريخ
الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، تعليقا على نبأ رحيل ويلر
وقال ويلر إنه كان يشعر أن من شأن التوصل إلى صنع القنبلة الذرية في وقت مبكر أكثر أن ينقذ حياة الملايين من البشر، بمن فيهم شقيقه جو الذي قضى أثناء القتال في إيطاليا.
"فلتسرع"
وقد لازمت فكر ويلر دوما ملحوظة جد مقتضبة كان قد أخوه جو قد أرسلها له من على خطوط القتال وخاطبه فيها قائلا: "فلتسرع".
وساعد البروفيسور ويلر خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي على نقل "نظرية النسبية" لألبرت أنشتاين من حيزها النظري إلى مجال التطبيقات العملية.
كما ساعد أيضا في وقت لاحق عالم الفيزياء إدوارد تيلر على تطوير قنبلة هيدروجينية أكثر قوة وفاعلية.
ألبرت أنشتاين
كان ويلر من أواخر الذين تعاونوا مع عالم الفيزياء الأشهر وصاحب "النظرية النسبية" ألبرت أنشتاين
أما في عام 1953، وبينما كان مسافرا في سيارة تتيح للركاب النوم فيها حيث كان متوجها إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، فقد ويلر ورقة سرية كان قد وضعها في حقيبته وتتعلق بالقنبلة الهيدروجينية.
تأنيب رسمي
وقد تعرض ويلر لتأنيب رسمي قاس من قبل مسؤولين عسكريين أمريكيين وبأمر من الرئيس آيزينهاور بسبب ذلك. وكونه يؤمن إلى حد العشق بمبدأ الدفاع الوطني، فقد شكل ذلك الحادث المذكور إحراجا شخصيا كبيرا له.
وانتقل البروفيسور ويلر إلى جامعة تكساس في أوسطن في عام 1976 لأنه كان يواجه إحالة إجبارية على التقاعد (المعاش) من جامعة برينستون.
وفي ذلك الحين عاد ويلر إلى طرح مسائل وقضايا في مجال ميكانيك الكمية كانت قد حيرت كلا من أنشتاين وبوهر. ودأب ويلر على الإشارة إلى تلك القوانين الغريبة في علم الفيزياء بوصفها بـ "التنين الهائل الذي ينبعث منه الدخان."
وكانت جانيت، زوجة ويلر لأكثر من 70 عاما، قد توفيت هي الأخرى في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي مخلفة وراءها ثلاثة أطفال والعديد من الأحفاد وأبناء الأحفاد.