ثلاث نساء
-------------------------------------------------------------------------------
الأولى
هالها ما اكتشفت ، العيون الشبقة تترصدها ، رغبات جسدها الناضج تدعوها لولوج حياة أخرى، رائحة الغنج تلفح أنفاسها ، شعرت أخيرا بأنها تطرق كيان الأنثى داعية كل العيون لتأملها .
جميع مقومات حواء الظاهرة والباطنة ، تتراءى لها راقصة حول كل بروز بجسدها، إنها بحاجة إلى من يكمل لها كل معطياتها الوافرة ، فيها كامرأة ، القلق البارد الساكن أعماقها ، يحتاج إلى دفء رجولي ، هاجس الأنثى يلح عليها بقوة، مذيباً قطع ثلج الحياء المترسبة في أغوار نفسها ، تتكاثر، تتراكم ، تتخثر الأحزان ، لتنسكب دموعا من عينيها ، تدفعها تلك التفاعلات إلى البحث ، غاصت في أعماقها الموحشة ، فتشت في حناياها ، دققت في كل تفاصيلها ، فكرت في كل ما مربها ، طفت إلى سطح الواقع ، لتوقن بعد كل هذا إنها بحاجة ، إلى روح تجعلها أنثى حقيقية .
الثانية
كنت دائما أشتهي امرأة تحبني ، تنثرعبق الأنثى على جدران حياتي ، اندلق التعب في كل عضو من جسدي بحثاً وتدقيقاً ، في وجوه وأجساد كل النساء ، انبثقت أمامي كزهرة ربيع في غير أوانه ، ودعاني حقل الياسمين لأعبىء رئتي منه ، هربت من همومي بقربها ، تماهت روحانا ، الذبول بدأ يرتسم بوضوح على خطوط ملامحي ،الانسحاق يملأ نفسي ، تراءت لي صورتها غريبة موحشة ،أسنانها بارزة حادة ، شفتاها قاحلة ، عيناها يكسوهما الاحمرار بعد كل عناق ، إنها تشرب ماء الحياة من جسدي .
استمرفي الذبول بعد كل لقاء ، استنجدت بآخر ما تبقى من سريان للحياة في شراييني ، وتحرك أخر خيط للتفكير في عقلي ، لم تسلبه مني ، فكرت وتدبرت ثم عقدت العزم ، أطبقت وأنا في حالة وئام مع كل جوارحي ، على بؤرة الحياة فيها ، تململت ، فواصلت الضغط ، بدأت تنسحق تحت وطأة سطوتي ،التي تخلصت من وهن الذبول ، حالة من الهدوء ،اجتاحت جسدينا، همدت ،ارتخت أعضائها ، تركت المكان بهدوء ، ومنذ تلك اللحظة صرت أهرب من كل النساء .
الثالثة
نظرت إلى الساعة المتوقفة، منذ أن تفتح جسدها الملتهب بين يداي ، أحاول لملمة الثواني النافقة ، تلف شعرها الغجري المبعثر بتعمد ، صدرها النافراستنزفت منه كل أسرار البهجة، نسينا ما يحيط بنا ، دخلنا إلى جحيم الغياب ، كلما تقدمت ساعات الليل ، ازدادت رغبتنا في الاستمرار ،يزداد سطوع جسدي بفعل غسيل البهجة ، في داخلي اشعر بجفاف ، الفرح ينتشر على جسدي ، ولكنه لا يترسب في أعماقي ، أشعربضيق ، لحظات قاسية تتسرب إلى عقلي فتتملكني ، البهجة الخارجية ، لا تصل إلى اجتثاث الأحزان الراسبة في قاع جفاف الروح ، أحاول أن أصل إلى قرار، أضغط بعنف على تفاعلات الألم ، أتخلى عن جسدها الفائق الاشتهاء ، أنزع يداي المغروزتان في لجته ، أجد روحي تعانق خوفها الكئيب ، اكتشف زيف جسدها ، أنسل مودعا إلى ٍغير رجعة .