أين المهاجر لا أرى أنباؤه ؟ أم أين صوت أميرنا البغدادي ؟ في رثاء القمرين

باسم الذي أضحك وأبكى

عذرا أخي . . . قبل أن تقرأ . . اعلم أن أخاك في مهامه الحزن قاره . . وفي دياجر العين داره . . . قد كسف باله . . وحرر غاله . . . وتاه على سباسب البكاء . . . بأعيس كوماء حزناء . . . بلا زاد سوى هم يأكله . . . ولا ماء سوى غم يشربه . . . يريد الوصول ولكنه ضعف . . ويريد السرو ولكنه أسف . .
كيف لا . . .؟ وقد كسرت جناحه ، وأطلقت أتراحه ، وبلبلت أفراحه بنهر من الشجون ، جارف مكنون ، فأسال من فؤاده كلمة ، ففرق أحشاءه جملة . . .

فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا به ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

فهاتيك دمعة . . . فامسحها بمنديل النعي والعزاء . .

-------------------------------

قف للديار وقل لها أو ناد
ماذا جرى لشموخك الميادي ؟

أين الذين إذا مررت رأيتهم
علق السيوف صوارم الأنجاد ؟

أين الذين توشحت أيامهم
بالسود من عوامة الأوتاد ؟

أين الذين إذا سمعت حديثهم
حن الفؤاد وقومت أعوادي ؟

أين الذين تجمعوا وتناصروا
ولعصبة التوحيد خير زناد ؟

أين الكماة أما لهم من هيعة
حمراء تقسر أعين الحساد ؟

أين الليوث العاديات على العدا
بكرا إذا شمس الصباح تنادي ؟

أين الأسود الزائرات على العدا
ضحوا إذا كبد السماء تهادي ؟

أين الأشاوس عارمات خيلهم
كالسيل دفاق لكل عماد ؟

أين الذين تبوأوا مجدا غدا
بيدا محلى سالف الأمجاد ؟

أين الطواويس الفكاك عناتهم
بل أين حاديهم وأين الشادي ؟

أين الشمردل والسميدع لا أرى
شمسا ولا قمرا يضيء بلادي ؟

ماذا جرى يا دار حتى بحت لي
ما هد جانحتي وباد فؤادي

هلا سكنت عن البكاء وقلت لي
بالله أين خوالف الأجداد ؟

كفي رجوتك ما سكبت من البكا
دمعات عينك أضرمت أوتادي

أين المهاجر لا أرى أنباؤه ؟
أم أين صوت أميرنا البغدادي ؟

كانوا لنا كالنيرات من الدجى
والموضئات حوالك الأسواد

كانوا لنا قرر العيون وحورها
واليوم أظلمها السواد السادي

كانوا لنا هديا إلى ساح الوغى
واليوم أغمر ساحها من هاد

كانوا لنا الأعواد نشعل ضوءها
واليوم غابت شعلة الأعواد

كانوا لنا الأعياد إن ضاق الفضا
واليوم ضاق وليس من أعياد

كانوا لنا الميعاد للمجد الوضي
واليوم مع طول الأسى ميعادي

كانوا لنا الأنصار مما يغتوى
في كل سهل أو ذرى أو وادي

كانوا لنا الأيد التي تبني لنا
صرحا فصرم واسق الأيادي

كانوا لنا الأجساد تأوي روحنا
واليوم لا روحا بلا أجساد

كانوا لنا حصد السنين من البلا
واليوم لا حصدا بلا حصاد

كانوا لنا جلد الوغى فيما مضى
واليوم لا جلدا بغير جلاد

كانوا لعشاق التحرر مولد
واليوم لا جذلا على الميلاد

كانوا لنا سعد الحياة ونورها
واليوم لا نورا بلا إسعاد

يا دار هل قبرت لياليك التي
أرممتها برجالك الأنجاد ؟

يا دار هل ماتت حمائمك شجى
حزنا على فياحة الأكباد ؟

يا دار هل ذبلت ورودك وانقضت
تلك الخلال الزاهرات بغاد ؟

يا دار هل رحل النواح فلا أرى
نوح البكاء ولا رنام الحادي ؟

حدي عليك زاد وجع جوانحي
وعليهما يا دار زاد حدادي

فلألبسن من الحداد سواده
ولأكسين من البكاء سوادي

أنعاك أرض الرافدين تأسفا
من فارسين بعد ألف عتاد

وتروا قلوب الكافرين بصولهم
وتوصدوا بابا لكل جهاد

فهنالك الفرسان تهلك جيدها
غلبا لخير فوارس بجياد

ابكي لهم أرض العراق وودعي
فالموت في ساحاتك ولادي

ابكي عليهم ما ترفرف راية
بيضاء عند توثب الآساد

أحيوا الخلافة كيف لا أبكيهم
وترصدوا للكفر بالمرصاد

فلأبكينكما بدمع مواآقي
وبدمع نوط القلب والأوراد

فإلى وداع في الجنان ونلتقي
في محشر في يوم ذي ميعاد

فعليكما صلى الإله وسلما
في جنة الفردوس خير معاد

-------------------------------

بدمع قلبه
شيبة الحمد