درناوى متغرب عضو نشيط
عدد المساهمات : 398 نقاط : 1077 تاريخ التسجيل : 04/11/2009
| موضوع: النهي عن الغضب الجمعة يناير 22, 2010 6:17 pm | |
| النهي عن الغضب
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جاء رجل فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: لا تغضب، ثم ردد مرارا، فقال: لا تغضب رواه البخاري .
الحمد لله وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وصحبه.
هذا الحديث متفق عليه وهو من أحاديث الأربعين النووية ذكرها النووي - رحمه الله - وهو من جوامع الكلم التي أوتيها النبي وخص بها، فمن خصائصه أنه أوتي جوامع الكلم وهي الكلام القليل المتضمن لمعان كثيرة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أوصني - يعني - اعهد إلي بما ينبغي فعله أو تركه، اعهد إلي، أوصني، هذا مثل علمني، أوصني بما أتخذه - يعني - منهجا وأتخذه خلقا وأتخذه سببا فيما يقرب إلى الله ويوصل إلى رضاه ، فقال: لا تغضب . سبحان الله، هذه وصية " لا تغضب " هذه هي الوصية، فالرجل تقال هذه الوصية، تقالها كأنه يريد أمرا عظيما وأمرا كثيرا ، فقال: يا رسول الله أوصني قال: لا تغضب قال: أوصني، قال: لا تغضب خلاص - يعني - الرجل عرف أن هذه وصية كبيرة ووصية جامعة، قد يقال إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعرف من حال الرجل أنه - يعني - سريع الغضب فقال: " لا تغضب " محتمل أنه راع حاله، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكذا ينبغي للمعلم أن يراعي حال السائل، المعلم والمفتي يراعي حال السائل والمستفتي ، لا تغضب وهذا الترديد وهذا التأكيد يدل على خطر الغضب. ولهذا صح عن النبي - عليه الصلاة والسلم - أنه قال : ليس الشديد بالصرعة الصرعة: الذي يصرع الناس بقوة عضلاته وقوة بدنه وقدرته على المصارعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب قوله - عليه الصلاة والسلام - لا تغضب ليس نهيا عن وجود الغضب ؛ لأن الغضب انفعال يحدث بأسباب إما - يعني - لرد ودفع عدوان قولي أو فعلي أو طلبا للانتقام، الإنسان إذا اعتدي عليه يثور عنده الغضب، إذا ظلم يثور غضبه لينتقم، فالغضب إما لوقوع عدوان فيغضب لدفعه أو لوقوع ظلم يريد الانتقام من الظالم، ولهذا يعرفه بعض الناس يقولون: الغضب - يعني - غضب الإنسان: غليان دم القلب طلبا للانتقام، هذا تعبير تقريبي لأن الغاضب يثور ولهذا يحمر وجهه، - يعني - الغضب - يعني - من آثاره أن القلب يزيد في ضخ الدم فيظهر على الوجه، سبحان الله، يحمر الوجه، الحمرة علامة الخجل أحيانا:
فاصفـر ذا فـرك واحمـر ذا وجـل
إذن الغضب ليس فعلا اختياريا، - يعني - أنت الآن جالس معي هيا اغضب، تقدر ؟ ما تقدر، فالغضب له - يعني - أثر، - يعني - يعتدي عليك إنسان، تظلم، يجئ الغضب تلقائي عندك فتتحرك، لكن الناس يختلفون في طبائعهم في الغضب، من الناس من يكون هادئا أعصابه هادئة ونفسه هادئة ما يتحرك غضبه إلا بجهد، إلا بشيء - يعني - كبير، وبعض الناس يسكت .. ولذا كان الناس في الغضب أقسام، في الغضب والرضا - لا إله إلا الله -، من الناس من يكون سريع الغضب سريع الرضا وهذا حاله متوسطة - يعني - في تعادل، والثاني بطيء الغضب سريع الرضا وهذا أفضل الأقسام، والثالث بطيء الغضب بطيء الرضا وهذا مثل الأول متناسب - يعني - هذه مثل هذه، والرابع سريع الغضب بطيء الرضا وهذا عكس الثاني - يعني - هذا شر الأقسام.
إذن قول الرسول لا تغضب النهي لا بد أن يكون متعلقا بأمر اختياري للعبد يمكن يفعل ويمكن يترك، وقلنا: إن الغضب ليس فعلا اختياريا بل هو انفعال لمؤثرات ؛ إذن قوله لا تغضب يتضمن النهي عن التعرض لأسباب الغضب، الإنسان يبعد بنفسه عن أسباب الغضب، لا يدخل في مشاكل مع الناس وفي خصومات، والنهي عن الشيء نهي عن سببه، فما لا يمكن تركه - يعني - إلا بترك شيء آخر أو سببه ينبغي ترك ذلك السبب المفضي، - يعني - قوله تعالى وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ مثلا هو نهى عن أن يقتل الإنسان نفسه وهذا يتضمن النهي عن كل الأسباب التي تفضي إلى الإضرار بالنفس بالهلاك ولا بما دونه. إذن قوله : لا تغضب يتضمن النهي عن الأسباب المهيجة للغضب، والأسباب المهيجة للغضب كثيرة، فأنت لا تغضب لا تعرض نفسك للغضب لا تدخل - يعني - فيما يثير غضبك، وإذا كنت تعرف من نفسك أنك غضوب فاحذر أيضا أكثر وأكثر، فإذا كنت تعرف من نفسك أنك سريع الغضب فهذا يؤكد عليك التجنب لأسباب الغضب، كما تتضمن هذه الوصية - يعني - الجانب الأول هو ترك الأمور المهيجة للغضب وهذه أمور تكون قبل الغضب، كذلك النهي عن الغضب يتضمن الأخذ بالأسباب التي تطفئ الغضب عند وجوده، وقد جاء مثل ما جاء في حديث الرجلين الذين كانا - يعني - يتسابان ويتخاصمان فغضب أحدهما فقال - عليه الصلاة والسلام - : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وجاء إرشاد - يعني - الغضبان في أنه إذا كان قائما فليجلس، يجلس يضجع، فيضجع على الأرض ليطفئ الحريق، هذا الحريق من داخله. وجاء من وسائل إطفاء الغضب الوضوء فتوضأ، الوضوء طهور، هذا أيضا من وسائل إطفاء الغضب، مما يدخل ضمن هذه الوصية لا تغضب فعل الأسباب التي تطفئ الغضب وتهدئ، كذلك ضبط النفس عند الغضب - يعني - البعد عن كل ما يقبح من قول أو فعل يمسك لسانه لأن الغضبان الذي لا يكون عنده عقل أو دين يضبط به نفسه يحصل منه شر على نفسه وعلى غيره، يغضب يمكن يقتل، يغضب يدمر يتلف يخبط، يمكن يبلغ به الأمر إلى الجزع الشديد يقتل نفسه - يمكن - يتكلم بكفر وهكذا، إذا " لا تغضب " هذه الوصية تتضمن ضبط النفس عند هيجان الغضب ، ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ . كظم الغيظ حبس ما تنفذ - يعني - تفرغ جامة غضبك، على كل تقدير، لكن ما تفرغ غضبك والثوران اللي عندك بكل بما اتفقت، تجني على نفسك وتجني على غيرك وتضر نفسك في أمر دينك وفي أمر دنياك، مثل من الواقع - يعني الواقع كثير - المتأمل في حياة الناس يجد الكثير من حالات الطلاق نتيجة غضب، خلاص، لأتفه سبب يختلف مع زوجته ويتحرشان ويتخاصمان على أمر سهل فالمرأة تعاند وهو يريد أن يثبت رجولته فيغضب - خلاص - ويعطيها الطلاق بالثلاث، لأنه يعرف أن الثلاث خلاص تفصل، فنجد أن الكثير من حالات الطلاق التي يعاني منها الناس ويعاني منها المفتون هي بسبب الغضب، يقول تحرشت أنا بزوجتي واختصمت أنا وزوجتي وقلت لها كذا وكذا، وبعضهن تهيجه :طلق طلق إن كنت رجال، فهو يريد أن يثبت رجولته اللي هي بعقليته وإلا إذا كان عاقلا ما تستخفه المرأة، ناقصات عقل ودين، فيروح يهدم بيته وتتشتت الأسرة . ولهذا يحكون قصصا أنه في ذروة الخصومة والغضب تقع الكارثة ثم يشعران بالمصيبة فيعودان يبكيان، كل منهما يبكي لأنه الآن شعر بالمصيبة. لا تغضب هذا ما تتضمنه هذه الوصية الجامعة ، لا تغضب فتضمنت الوصية بتجنب أسباب الغضب، والوصية بالأخذ بأسباب إطفاء الغضب، والوصية بضبط النفس عند الغضب بحبس - يعني - اللسان والجوارح، وصية جامعة، حتى الغضب لله يحتاج إلى ضبط، الغضب لله هذا هو الغضب الحق، الله أكبر، - يعني - قوله لا تغضب لا يدخل فيه الغضب لله، المراد الغضب العادي أما الغضب لله - حتى الغضب لله - ما هو باختياري له أسباب، أسبابه ما في القلب من تعظيم لله وتعظيم لحرمات الله . الغضب لله، الرسول - عليه الصلاة والسلام - كما أخبرت أم المؤمنين عائشة تقول : إنه ما ضرب امرأة قط ولا ضرب خادما قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما كان ينتقم لنفسه فإذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه قائم . ولهذا كان من صفته أنه الضحوك القتال، يعني: مع أنه رحيم جدا فهو في إقامة أمر الله وإقامة حدود الله لا يقوم لغضبه فهو يغضب لربه، الغضب لله أيضا يحتاج إلى - يعني - له أسباب، الغضب لله له أسباب هي منح من الله، الغضب لله أسبابه: العلم والإيمان، ويحتاج إلى ضوابط، هذه الضوابط بأن تقدر الأمور بقدرها فما تجعل الصغيرة كبيرة والكبيرة كفر وتنتقم من صاحب الكبيرة بعقوبة الكافر وترتكب، هذا ورط كثيرا ممن يكون عنده حماس وغضب لله لكنه ليس عنده من البصيرة ما يضبط به هذا الغضب لا يروح باسم إنكار المنكر المعتزلة عندهم أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما شاء الله، هذا طيب والله، لكنهم يجعلون منه الخروج على الولاة هذا من الأمر بالمعروف ومن الغضب لله الخروج على الولاة الظلمة الفسقة باسم إنكار المنكر، لا، المسلم أو البصير بدينه لا بد أن يكون بصيرا في أمره ونهيه ولهذا كان من قواعد الأمر بالمعروف تقدير المصالح والمفاسد، فالغضب لله حق وعنوان خير ودليل على - يعني - إيمان وخير وصلاح ؛ لكن لا بد أن يكون مضبوطا بالعلم، العلم الشرعي. والنصوص جاءت .. الصحابة لما أنه جاء الأعرابي دخل وبال - يعني - هذا مثال يذكره أهل العلم ويستدلون به ويأخذون منه فائدة ثار عليه الصحابة، الرسول قال : لا تذرموا عليه بولته، اتركوه هم فعلوه غضبا لله وتعظيما لبيت الله ومسجد رسول الله ؛ لكن لا ،لم يكن ما فعلوه من الحكمة، الرسول علمهم قال: اتركوه، حتى بال، الحل سهل يؤتى - الأمر - بدلو من الماء، صب على البول، انتهت مشكلة المسجد، جاء الأعرابي وعلمه الرسول - يعني - ما يجب من احترام لبيوت الله وما يجب من تنزيهها عن الأقذار، المقصود أن هذا الحديث وصية جامعة على اختصارها لا تغضب اللهم صل وسلم ... | |
|